بنك الاستثمار الأميركي متفائل بنمو الناتج المحلي الإجمالي وتباطؤ التضخم وتجنب الركود


توقعات بأداء أفضل للاقتصاد العالمي في 2024

الجمعة 05 يناير 2024 | 07:14 صباحاً
الإقتصاد العالمي في 2024
الإقتصاد العالمي في 2024
نورة العلي

توقعات بنمو قوي في الدخل وسط تباطؤ التضخم، وترجيحات بأن التصنيع سيتعافى، وسيكون لدى البنوك المركزية مجال أوسع لخفض أسعار الفائدة إذا كانت قلقة بشأن تباطؤ الاقتصاد خاصة بعد الأزمات التي مر بها الاقتصاد العالمي في 2023، حتى صار التشاؤم من أن العام المقبل لن يكون سوى امتداد سيئ للعام الحالي، إن لم يكن أسوأ، تلك خلاصة معظم المؤسسات العالمية التي استشرفت الصورة، إلا أن صوتاً حديثاً ينبئ عن تفاؤل حيال العام الذي لم يعد يفصلنا بينه سوى 45 يوماً تقريباً، وذلك الصوت لـ'غولدمان ساكس'، بنك الاستثمار الأميركي وتحديداً ذراعه البحثية التي توقعت للاقتصاد العالمي في 2024 تفوقاً في الأداء، 

التوقعات الكلية 2024: الجزء الصعب قد انتهى

يثق كبير الاقتصاديين في أبحاث البنك، جان هاتزيوس، في أن المخاض الصعب انتهى، في تقرير حديث حمل العنوان نفسه 'التوقعات الكلية 2024: الجزء الصعب قد انتهى'، وقال فيه إن من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.6 في المئة العام المقبل على أساس متوسط ​​سنوي، مقارنة بتوقعات الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع 'بلومبيرغ' بنسبة 2.1 في المئة.

تأتي توقعات 'غولدمان ساكس' لنمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 أكثر تفاؤلاً من أقرانه من البنوك الأخرى، لكنه على ما يبدو يستند في رهانه إلى سابق توقعاته الصائبة، إذ إن محلليه توقعوا في الماضي تفوق نمو الولايات المتحدة على أقرانها في الأسواق المتقدمة، وتفاءلوا في شأن نمو الاقتصاد العالمي في 2023، وبالفعل جاءت النتائج متجاوزة لتوقعاتهم تلك، مع تحسن أسواق العمل ومعدلات البطالة (0.5 في المئة أقل من مستوى ما قبل الجائحة)، وهو ما ظهر جلياً حتى في بعض الاقتصادات الرئيسة التي شهدت نمواً منخفضاً للغاية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مثل منطقة اليورو.

هل يستمر التضخم في التباطؤ عام 2024؟

يبدو البنك الأميركي مقتنعاً بأن التضخم آخذ في الهدوء في مختلف اقتصادات مجموعة الـ10 والأسواق الناشئة، إذ يقول هاتزيوس، 'لا نعتقد أن الميل الأخير من مكافحة التضخم سيكون صعباً بشكل خاص... أصبح العرض والطلب على السلع أكثر توازناً، ولا يزال تأثير ذلك على تراجع تضخم السلع الأساس يتكشف، ومن المتوقع أن يستمر خلال معظم عام 2024، ومن المتوقع أن ينخفض ​​تضخم السكن بشكل كبير'.

الأمر الأكثر أهمية، وفق هاتزيوس، أن التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل مستمر في التحسن، والفجوة بين الوظائف والعمال التي تقاس بفرص العمل ناقص العمال العاطلين من العمل، تتجه نحو الانخفاض في كل مكان، متوقعاً استمرار انخفاض التضخم في عام 2024، وبخاصة ​​التضخم الأساس من ثلاثة في المئة الآن إلى متوسط ​​يتراوح بين اثنين و2.5 في المئة في جميع أنحاء مجموعة الـ10 (باستثناء اليابان)، وسيكون ذلك متسقاً على نطاق واسع مع أهداف التضخم لمعظم البنوك المركزية في الأسواق المتقدمة بحلول نهاية عام 2024.

 الاقتصادات الكبرى قادرة على تجنب الركود

ستتجنب عديد من الاقتصادات الكبرى الركود في عام 2024، وخلال العام الماضي، كان خبراء الاقتصاد في 'غولدمان ساكس' متفائلين نسبياً بأن الاقتصادات الكبرى قادرة على تجنب الركود، وفي تقريرهم الأخير، أعادوا التأكيد على وجهة نظرهم الطويلة الأمد بأن احتمالات حدوث ركود في الولايات المتحدة أقل بكثير من التقدير الشائع بنسبة 15 في المئة فقط على مدى الأشهر الـ12 المقبلة.

وهناك أسباب رئيسة تجعل المحللين متفائلين في شأن النمو في العام المقبل، من بينها التوقعات الإيجابية بنمو الدخل الحقيقي القابل للتصرف في وقت يتسم بانخفاض معدلات التضخم بشكل كبير وأسواق العمل التي لا تزال قوية، وبينما يتوقع أن يتباطأ نمو الدخل الحقيقي في الولايات المتحدة عن وتيرته القوية للغاية كما في عام 2023، فإنه على الأرجح سيظل كافياً لدعم الاستهلاك ونمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة اثنين في المئة على الأقل.

يتوقع البنك الأميركي، أن تشهد كل من منطقة اليورو والمملكة المتحدة تسارعاً ملموساً في نمو الدخل الحقيقي إلى حوالى اثنين في المئة بحلول نهاية عام 2024 مع تلاشي صدمة الغاز في أعقاب الحرب الروسية- الأوكرانية. ويقول هاتزيوس، إن 'رفع أسعار الفائدة والسياسة المالية سيستمران في التأثير على النمو في اقتصادات مجموعة العشرة، لكن أسوأ ما في هذا التراجع قد حدث بالفعل... نتوقع تراجعاً أقل من الظروف المالية الأكثر صرامة في عام 2024 مقارنة بعام 2023، حتى بعد الأخذ في الاعتبار الزيادة الأخيرة في أسعار الفائدة طويلة الأجل'.

أزمة الصين تخيم على الاقتصاد العالمي

كان النشاط الصناعي ضعيفاً وسط إعادة توازن الإنفاق نحو الخدمات من السلع، وأزمة الطاقة الأوروبية، وضعف التصنيع الصيني، ومن المتوقع أن تتلاشى معظم هذه الرياح المعاكسة هذا العام، وأن يتعافى قطاع التصنيع نحو مستويات الاتجاه على المدى الطويل.

وكتب هاتزيوس أن 'السبب الأكثر حداثة للتفاؤل في شأن نمو الناتج المحلي الإجمالي هو أن البنوك المركزية لا تحتاج إلى الركود لخفض التضخم، بالتالي ستحاول جاهدة تجنب ذلك، ويُظهر تحليل خبراء الاقتصاد لدينا لدورات رفع أسعار الفائدة السابقة أن البنوك المركزية الكبرى من المرجح أن تخفض أسعار الفائدة بمقدار الضعف عندما يكون هناك خطر على النمو بمجرد عودة التضخم إلى معدلات أقل من ثلاثة مقارنة عندما يكون التضخم أعلى من خمسة في المئة'.

هل تخفض البنوك المركزية أسعار الفائدة العام المقبل؟

لا يرجح البنك الأميركي، أن يخفض صناع السياسات في الأسواق المتقدمة أسعار الفائدة قبل النصف الثاني من عام 2024 ما لم يثبت أن النمو الاقتصادي أضعف من المتوقع، ويستند هذا الرأي جزئياً إلى التوقعات الأساسية بأن يظل التضخم أعلى قليلاً من هدف الاثنين في المئة، وأن تظل معدلات البطالة أقل من مستوياتها الطويلة الأجل، وأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي تقريباً بوتيرة الاتجاه في عام 2024.

لكن التقرير الذي اصطبغ بصبغة تفاؤلية بدا متشائماً حيال تباطؤ الاقتصاد الصيني، إذ يتوقع الاقتصاديون أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 4.8 في المئة العام المقبل، مع تلاشي الدفعة الناتجة من إعادة الفتح بعد 'كوفيد-19'، وهو ما سيقابله جزئياً تباطؤ طفيف في قطاع الإسكان، وانتعاش متواضع في التجارة العالمية، وتيسير إضافي للسياسة النقدية. ومع ذلك، لا يزال ثاني أكبر اقتصاد في العالم يواجه تحديات، إذ يرجح أن يستمر الانحدار في سوق العقارات، مع استمرار التدهور الديموغرافي في البلاد والانكماش المستمر في عدد السكان في سن العمل، وهو ما يجعل كبير الاقتصاديين يخلص إلى قناعة مفادها أن 'التباطؤ في الصين سيستمر على الأرجح لعديد من الأعوام'.

اقرأ أيضا