شهدت الفترة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في حالات التخلف عن سداد الديون بين الشركات العالمية، لتسجل أعلى مستوى لها منذ سنوات. وتتنوع الأسباب وراء هذا الارتفاع.
نلقي الضوء على أبرز الأسباب في هذا التقرير من خلال موقعنا الاقتصاد السعوديارتفاع أسعار الفائدة
زيادة أسعار الفائدة الأمريكية من قرب الصفر إلى أكثر من 5% خلال العام الماضي أدى إلى زيادة تكاليف الاقتراض بشكل كبير. هذا الارتفاع جعل من الصعب على العديد من الشركات تحمل أعباء ديونها، وخاصة تلك التي اقترضت بمعدلات فائدة متغيرة.
تشديد شروط التمويل
تسببت الظروف المتشددة في الأسواق في تقليص قدرة الشركات على إعادة تمويل ديونها بشروط مناسبة. ومع تشديد شروط التمويل، واجهت الشركات صعوبة أكبر في الحصول على قروض جديدة أو تمديد آجال قروضها الحالية.
تدهور السيولة المتاحة
واجهت الشركات العالمية نقصًا في السيولة المتاحة، مما زاد من تعثرها في سداد الديون. وقد ساهمت الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة في تفاقم هذه المشكلة، حيث تراجعت الإيرادات في العديد من القطاعات.
آجال الاستحقاق الوشيكة
وفقًا لتقرير 'إس آند بي جلوبال'، فإن آجال الاستحقاق الوشيكة كانت من بين الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع حالات إفلاس الشركات. مع اقتراب مواعيد استحقاق الديون، لم تتمكن العديد من الشركات من تدبير الموارد اللازمة للسداد.
ركود العمليات
واجهت بعض الشركات تراجعًا في عملياتها التشغيلية، مما أثر سلبًا على قدرتها على توليد الإيرادات وسداد ديونها. هذا الركود كان نتيجة للعديد من العوامل الاقتصادية العالمية، بما في ذلك تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض الأسواق الرئيسية.
الضغوط الاقتصادية العالمية
الأزمات الاقتصادية المتتالية، بما في ذلك تبعات جائحة كورونا، أدت إلى تفاقم أوضاع الشركات المالية. انخفاض الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارات، وتراجع النشاط الاقتصادي العالمي، كانت كلها عوامل ساهمت في زيادة معدلات التخلف عن السداد.
الشركات العالمية..والديون في شهر ابريل
شهد الشهر الماضي ارتفاعًا حادًا في حالات تعثر الشركات العالمية عن سداد ديونها، مسجلة أعلى مستوى لها في نحو أربع سنوات.
ورغم التوقعات باستمرار زيادة حالات التعثر مع تزايد استحقاقات الديون في الفترة المقبلة، يرى بعض المحللين أن الوضع قد لا يكون مقلقًا كما يبدو في الظاهر.
ارتفاع حاد في حالات التعثر عن سداد الديون
- تعثرت 18 شركة عالمية في سداد ديونها خلال شهر أبريل الماضي، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر 2020.
- بلغ معدل التعثر في أبريل أكثر من ضعف الحالات المسجلة في مارس، والتي كانت 8 حالات.
- في أول أربعة أشهر من عام 2024، وصل عدد الشركات التي تعثرت عن سداد ديونها إلى 55 شركة، مماثلًا لما شهدته نفس الفترة من العام الماضي.
- تجاوز عدد الشركات المتعثرة عن سداد ديونها منذ بداية العام المتوسط السنوي للعشر سنوات الماضية بنسبة 25%.
- تعكس الزيادة في حالات التعثر تأثيرات معدلات الفائدة المرتفعة على الشركات التي اقترضت بمعدلات فائدة متغيرة.
الشركات الأكثر تضررًا
- تصدرت الولايات المتحدة قائمة المناطق التي شهدت تعثر الشركات في سداد ديونها خلال شهر أبريل ومنذ بداية العام الحالي.
- في أبريل، فشلت 10 شركات أمريكية في سداد ديونها، مما جعل الولايات المتحدة تشكل حوالي 56% من إجمالي الشركات العالمية التي تعثرت في السداد خلال الشهر الماضي.
- منذ بداية عام 2024، فشلت 32 شركة أمريكية في سداد ديونها، وهو رقم يقل قليلاً عن نفس الفترة من العام الماضي.
- في أوروبا، تعثرت 4 شركات في سداد ديونها خلال أبريل، ممثلةً حوالي 22% من إجمالي حالات التعثر العالمية.
- ارتفع عدد الشركات الأوروبية المتعثرة منذ بداية 2024 إلى 15 شركة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008.
- في الأسواق الناشئة، شهدت عمليتا تعثر في سداد الديون خلال الشهر الماضي، بإجمالي 5 حالات تعثر في الأشهر الأربعة الأولى من العام.
- في الدول المتقدمة الأخرى، تعثرت شركتان في سداد الديون في أبريل، ليصل إجمالي حالات التعثر منذ بداية العام إلى ثلاث حالات.
أبرز القطاعات المتضررة
- شهد قطاع المنتجات الاستهلاكية أربع حالات تعثر عن سداد الديون من إجمالي 18 حالة في شهر أبريل الماضي.
- كما سجل قطاع الإعلام والترفيه ثلاث حالات تعثر أخرى خلال الشهر نفسه.
- منذ بداية العام، قاد قطاعا المنتجات الاستهلاكية والإعلام والترفيه عمليات تعثر الشركات عن سداد ديونها، حيث سجل كل قطاع منهما 10 حالات تعثر.
- كان قطاع المنتجات الاستهلاكية دائمًا المساهم الأكبر في حالات التخلف عن السداد منذ بدء الركود الناجم عن جائحة كورونا. وأشارت وكالة 'إس آند بي جلوبال' إلى أن استمرار انخفاض الإنفاق قد يؤدي إلى استمرار هذا الاتجاه.
- من حيث حجم الديون المتعثرة، تصدر قطاعا التكنولوجيا المتقدمة والمنتجات الاستهلاكية القائمة في أبريل، حيث ساهم القطاع الأول بنسبة 41% والثاني بنسبة 26% من إجمالي الديون المتعثرة.
كيف علق الخبراء على تعثر الشركات العالمية في السداد
حذر مارتي فريستون، كبير مسؤولي الاستثمار في ليمان، ليفيان، فريدسون أدفيزورز، من التفاؤل المفرط في السوق بخفض أسعار الفائدة، خاصةً من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
اما كايل شوستاك، مدير شركة استثمار أمريكية، حذر من أن تخلف الولايات المتحدة عن سداد الديون قد ينتج عنه خفض التصنيف الائتماني للبلاد. وأشار شوستاك في مقابلة مع وكالة 'تاس' إلى أنه في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بشأن رفع سقف الدين، فإن خفض التصنيف الائتماني للبلاد قد يكون محتملاً، مثلما حدث في السابق في عام 2011.
ويرى شوستاك أن هذا التطور قد يكون له تأثير واقعي على الاقتصاد الأمريكي، ويمكن أن يكون الخيار الأفضل في بعض الحالات. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يعتقد أيضًا أن الإدارة الأمريكية قادرة على حل التحديات المتعلقة برفع سقف الدين، مشيرًا إلى تجربتهم السابقة في التعامل مع حالات التخلف عن السداد.
ويرى الخبير أن إعلان التخلف عن السداد قد يكون له تأثيرات إيجابية في المستقبل على الاقتصاد الأمريكي، على الرغم من أنه قد يصاحبه بعض الآثار السلبية مؤقتًا، مثل ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض قيمة الأسهم. ومع ذلك، يعتقد شوستاك أن هذه الخطوة قد تكون خطوة نحو تحسين الاقتصاد على المدى الطويل.