تتميز دول الخليج بوفرة في مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، واستفادت من ذلك بوتيرة متباينة في إضافة مصادر الطاقة المتجددة إلى مزيج الطاقة لديها، فضلا عن تحقيق أهدافها الطموحة، وفق وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني.
زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة
وقامت دول المنطقة بنشاط على زيادة إنتاجها من الطاقة المتجددة خلال السنوات الماضية، في إطار خطة التحول الاستراتيجي التي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة بعيدا عن الوقود الأحفوري. ويتماشى ذلك مع الجهود العالمية الرامية إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة للتصدي لتغير المناخ.
وشكلت الطاقة الشمسية تكنولوجيا الطاقة المتجددة الأوسع استخداما والأقل تكلفة خلال العقد الماضي، إلا أن التركيز في المنطقة انصب على طاقة الرياح في الآونة الأخيرة.
واستطاعت السعودية ترسيخ مكانتها في مجال الطاقة المتجددة عبر تشييد مزرعة رياح «دومة الجندل»، التي تعد الأكبر في الشرق الأوسط، فضلا عن مشروع «الغاط» لطاقة الرياح، الذي حقق رقما قياسيا في انخفاض تكلفة إنتاج الطاقة، إذ بلغت كلفة إنتاج 1 كيلوواط في الساعة 1.57 سنت.
الامارات تتصدر الاستثمار في الطاقة المتجددة
كما تصدرت الإمارات الاستثمار في الطاقة المتجددة من حيث القدرة المركبة، بمشروعات مثل مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، الذي ستتجاوز قدرته الإنتاجية 5 آلاف ميغاواط بحلول 2030، وباستثمارات تقارب 50 مليار درهم.
ويرجع السبب لريادة دول المنطقة المستمرة في إنتاج الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة لعدة عوامل، مثل إتاحة الأراضي الصحراوية بكلفة معقولة، والعمالة منخفضة التكلفة، والسياسات الضريبية المواتية، فضلا عن وفورات الحجم من المشروعات الضخمة، وحسن التخطيط لمناقصات المشروعات الاستراتيجية، والدعم الحكومي، وفقا لمؤسسة التصنيف.
ومن تلك العوامل بيئة مواتية لتلك المشروعات، ولا يزال هناك عدد كبير من المشاريع قيد التخطيط.
ولم تقتصر مشروعات الطاقة المتجددة في المنطقة على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث ربطت الإمارات مؤخرا الوحدة الأخيرة في محطة «براكة» للطاقة النووية بشبكة توزيع الكهرباء، التي تبلغ قدرتها الإنتاجية 5600 ميغاواط، والمتوقع أن تلبي ما يصل إلى 25% من احتياجات البلاد من الكهرباء عند بدء تشغيلها التجاري المرتقب في العام الحالي.
تشييد مشروعات ضخمة للهيدروجين الأخضر
وأيضا فالمنطقة مهيأة لأن تصبح مركزا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بفضل توافر الأراضي منخفضة التكلفة، والمصادر المتميزة للطاقة المتجددة، فشرعت السعودية وسلطنة عمان في تشييد مشروعات ضخمة للهيدروجين الأخضر، لتستفيد من إنتاج الكهرباء بمزيج يجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على امتداد ساحلي البلدين. ويتسم هذا التحول بتطورات ملموسة وتحديات كبيرة، في ضوء تطوير الأطر السياسية والتنظيمية التي تهدف إلى دعم النمو الاقتصاد، وتنويع مصادر التمويل، وتعزيز القدرة على الاستدانة. تقرير سابق لوكالة «فيتش»، كان قد أكد على أن القروض طويلة الأجل من أسواق رأس المال تحظى بأهمية كبيرة لدى دول الخليج في دعم خططها الطموحة للبنية التحتية، وفق الوكالة.
وما تزال دول المنطقة تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري، خاصة النفط والغاز اللذين يمثلان أكثر من 90% من إجمالي القدرة المركبة، كما تتميز المنطقة باستهلاكها الكبير للطاقة، بفضل النمو الاقتصادي السريع، والتوسع الصناعي، ومستويات الدخل المرتفعة، وأسعار الطاقة المدعمة، ما أدى إلى أن يصبح نصيب الفرد من الطاقة من ضمن أعلى مستويات الاستهلاك في العالم.