أضحت الطاقة الشمسية مادة خصبة لأبحاث العلماء والمتخصصين الذين يتطلعون إلى ابتكار تطبيقات عملية قائمة على هذا المصدر المتجدد والمستدام للطاقة؛ بما يُسهِم في جهود إزالة الكربون من القطاع التقني، وتحقيق أهداف الحياد الكربوني. حيث تُسهِم الخلايا الشمسية القابلة للتمدد في تحويل حلم تشغيل الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء بالطاقة الشمسية إلى واقع، بفضل مادة بوليمر جديدة موصلة للكهرباء،
ويُقصد بالأجهزة القابلة للارتداء تلك الأجهزة الإلكترونية التي يمكن أن يرتديها الشخص بوصفها ملحقات، تكون ضمن الملابس أو مزروعة في الجسم، وهي تحتوي على معالج دقيق، وتكون متصلة بالإنترنت، مثل الساعات الذكية وأجهزة تتبع اللياقة، وأجهزة مراقبة نظام القلب، من بين أخرى عديدة.r
التخلص التدريجي من مصادر الوقود الأحفوري
كما يبرز هناك توجه قوي لدى حكومات الدول والشركات الكبرى نحو التخلص التدريجي من مصادر الوقود الأحفوري -الفحم والنفط والغاز الطبيعي- والاستعاضة عنها بمصادر الطاقة المتجددة (الشمس والرياح والمياه) في إطار مساعٍ أوسع للتحوط من الصدمات الخارجية عبر تعزيز أمن الطاقة.
ومع تسارع وتيرة نمو الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء، جذبت الخلايا الشمسية القابلة للتمدد التي يمكنها العمل بكفاءة تحت ضغط، اهتمامًا كبيرًا بوصفها مصدرًا للطاقة النظيفة.
ولبناء تلك الخلايا الشمسية، من الضروري أن تُظهر طبقتها الضوئية التي تحول الضوء إلى كهرباء، أداءً عاليًا مع تمتعها بقدر كبير من المرونة الميكانيكية.
ومع ذلك؛ فإن تلبية هذين المتطلبين تنطوي على تحديات؛ ما يجعل من الصعب تطوير الخلايا الشمسية القابلة للتمدد.
تطوير مادة بوليمر جديدة موصلة للكهرباء
فيما يُعَد خطوة في مسار تطوير الخلايا الشمسية القابلة للتمدد، أعلن فريق بحثي من المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا -معهد دولي عام يقع في مدينة دايجون وسط كوريا الجنوبية- من قسم الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية، تطوير مادة بوليمر جديدة موصلة للكهرباء، وفق ما ورد في البحث الذي نُشرت نتائجه في دورية جولي Joule.
وتشير البوليمرات إلى مواد مصنوعة من سلاسل طويلة ومتكررة من الجزيئات، وهذه المواد لها خصائص فريدة من نوعها، اعتمادًا على نوع وكيفية الترابط فيما بينها، وتتسم بعض البوليمرات بخواص معينة مثل الثني والتمدد، مثل المطاط والبوليستر، في حين يتسم البعض الآخر بكونه صلبًا وقويًا مثل الزجاج والإيبوكسز.
الخلايا الشمسية العضوية
حقّقت مادة البوليمر أداءً كهربائيًا عاليًا ودرجة مرونة مرتفعة مع طرح الخلايا الشمسية العضوية القابلة للتمدد الأعلى كفاءة في العالم، وفق ما ورد في البحث المذكور.
والخلايا الشمسية العضوية هي أجهزة تتألف طبقتها الضوئية المسؤولة عن تحويل الضوء إلى كهرباء من مواد عضوية، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وبالمقارنة مع الخلايا الشمسية المصنعة من مواد غير عضوية، تُعَد الخلايا الشمسية العضوية أخف وزنًا وأكثر مرونةً؛ ما يجعلها قابلة للتطبيق بدرجة كبيرة في الأجهزة الكهربائية القابلة للارتداء.
وتكتسب الخلايا الشمسية، بوصفها مصدرًا للكهرباء النظيفة، أهمية خاصة في تصنيع الأجهزة الإلكترونية، غير أن الخلايا الشمسية عالية الكفاءة غالبًا ما تفتقر إلى المرونة، ومن ثم فإن تطبيقاتها في الأجهزة الكهربائية القابلة للارتداء مقصورة على تلك النقطة.
قابلية التمدد الميكانيكية
ربط فريق البحث في المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا 'بوليمر' عالي التمدد مع بوليمر موصل للكهرباء يتمتع بخصائص كهربائية ممتازة من خلال الترابط الكيميائي، ونجحوا بذلك في تطوير بوليمر جديد يتمتع بخاصية التوصيل الكهربائي وقابلية التمدد الميكانيكية.
ويلبي البوليمر أعلى مستوى متعارف عليه من كفاءة التحويل الضوئي (19%)، باستعمال الخلايا الشمسية العضوية، مع إتاحة درجة مرونة تزيد 10 مرات عن مثيلتها في الأجهزة الحالية.
ولذا نجح فريق البحث، بقيادة البروفيسور بوموجون كيم، في بناء أعلى خلايا شمسية قابلة للتمدد كفاءةً في العالم، والتي يمكن تمددها إلى ما نسبته 40%، خلال التشغيل.
كما أظهرت تلك الخلايا درجة عالية من القابلية للتطبيق في الأجهزة القابلة للارتداء، وفق نتائج البحث التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال البروفيسور كيم: 'من خلال هذا البحث، لم نطور فقط أفضل الخلايا الشمسية القابلة للتمدد الأعلى كفاءة في العالم، ولكن من المهم -أيضًا- أننا طورنا 'بوليمر' جديدًا يمكن تطبيقه مادةً أساسية لمختلف الأجهزة الإلكترونية التي تحتاج إلى أن تكون قابلة للطرق وتتسم بالمرونة'