عندما أكرر على صديقي عبارتي الشهيرة “اضحك ولا يهمك أحد “، يقول: إنك تعتقد أن كل الناس بلا مشاعر ولا مشاكل أو هموم . وكلام صاحبي هذا صحيح ، لكن هل الحزن والهم والغم هو الطريق الأفضل للتخلص من تلك الآلام !؟ . أعرف أن الكلام سهل لكن التطبيق صعب . فهناك آلام وأحزان تظل أقوى من الإنسان وقدرته على التحمل .
يبدو للقارئ وكأني في تناقض مع نفسي . إذ كيف أطلب من غيري الضحك وتجاهل كل ما يحزنه ويؤلمه ، وفي نفس الوقت أعترف بأن هناك آلام وأحزان تدمي القلوب قد لا يحتملها !!
قبل يومين كنا نتجاذب أطراف الحديث . ومن حسن الصدف أن مرّ علينا شاب يبدو أنه سعودي وهو ممسك بيد عامل آسيوي لأنه ” كفيف ” عافاه الله . توقفت عن الحديث مع صاحبي ، ثم سألته ألا يرى في هذا المشهد ما يجعله يرفع يديه لرب العالمين شاكراً ومقدراً نعمة البصر التي يفقدها ذلك الشاب !؟ سألته أيضاً إن كان يتمنى لو أن الشاب في مكانه يجلس مع أهله ويقود سيارته ويشاهد التلفزيون ويمارس حياته الطبيعية ، بينما يأخذ هو مكان ذلك ” الكفيف ” !؟ لم أكن أتوقع بأن كلامي سيصدم صاحبي وكأني صببت علية ماءً بارداً في عز الشتاء .
العبرة مما دار بيني وبين صاحبي ، هي نظرتنا للنعم التي ” منّ ” الله علينا بها وحرمها على غيرنا . يقول الله تعالى ” وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ” . وأقرب تلك النعم هي حواسنا الخمس التي لا يشعر بعضنا بقيمتها إلا حين يفقدها . فما بالنا ونعم الله علينا لا تعد ولا تحصى .
أنظروا للنصف المملوء من الكأس وتجاهلوا النصف الفارغ ” . فتلك النظرة الإيجابية للأمور هي التي تصنع لكم التفاؤل والأمل والفرح .
هذه هي الحياة … لا فرح فيها يدوم ولا حزنا يبقى … تتغير أحوالها بين سعادة لا حدود لها وبين ألم لا فكاك منه. كل منا يحاول أن يكون حاضره أجمل من ماضيه لكنه لا يستطيع تغيير أقداره التي كتبها الله عليه .
قلت في مقال سابق بأنه لا مصانع للسعادة نشتري منها . إنما يمكننا صناعتها بأنفسنا مهما كانت ظروفنا وتعقدت حياتنا . أصنعوا سعادتكم بأنفسكم ولا تنتظروها من غيركم .
ولكم تحياتي
