تعد رؤية المملكة العربية السعودية 2030 خارطة طريق طموحة تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر دخله بعيداً عن الاعتماد الكبير على النفط من خلال هذه الرؤية، وفي هذا التقرير يتناول موقع الاقتصاد السعودي أوجه الأنشطة غير النفطية التي تسعى المملكة العربية السعودية في تطوريها ضمن رؤية 2030 لتكون محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي والاستدامة
وفيما يلي نظرة على أبرز القطاعات غير النفطية وجهود تطويرها ضمن إطار رؤية 2030:
1. القطاع السياحي
يلعب القطاع السياحي دوراً محورياً في رؤية 2030، حيث تسعى السعودية لجذب 100 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030. تركز الجهود على تطوير مشاريع ضخمة مثل مدينة نيوم ومشروع البحر الأحمر، بالإضافة إلى تعزيز السياحة الدينية من خلال تحسين البنية التحتية في مكة المكرمة والمدينة المنورة. تهدف هذه المشاريع إلى خلق فرص عمل جديدة وزيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي.
وتظهر نجاحات قطاع السياحة سواء على مستويات الاستثمارات أو أعداد السياح. في العام 2023 ارتفعت مساهمة قطاع السياحة 4.5% من إجمالي الناتج المحلي، و7% من إجمالي الناتج غير النفطي، ودخل 27 مليون سائح أجنبي المملكة في نفس العام كما وقع القطاع الخاص عقوداً لإنشاء 75 ألف غرفة فندقية، وتستهدف الوصول إلى 150 مليون سائح، تشمل 80 مليونا من الداخل و70 مليونا من الخارج
وخلف هذه الأرقام إرادة صلبة بتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، ورؤية طموحة بتوفير حياة كريمة ومستقبل واعد، وجهود ضخمة وعمل لا يتوقف. بالجهود تصنع النجاحات وتبنى الدول وليس بالأمنيات
مدينة الملك عبد الله الاقتصادية
2. التكنولوجيا والابتكار
تسعى السعودية لتكون مركزاً إقليمياً للتكنولوجيا والابتكار من خلال الاستثمار في البحث والتطوير وتعزيز ريادة الأعمال. تأسيس مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ومراكز التكنولوجيا مثل 'واحة التقنية' يسهم في جذب الشركات التكنولوجية العالمية والمحلية، مما يعزز التنويع الاقتصادي ويخلق فرص عمل في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
الطاقة المتجددة
3. الطاقة المتجددة
تعمل السعودية على تقليل اعتمادها على النفط من خلال الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة. تهدف إلى توليد 50% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030 مثل مشاريع محطة سكاكا للطاقة الشمسية ومشروعات الرياح تسهم في تحقيق هذه الأهداف وتعزيز الاستدامة البيئية.
4.الصناعات التحويلية
تتركز رؤية 2030 على تعزيز الصناعات التحويلية لزيادة القيمة المضافة للمواد الخام وتقليل الاعتماد على الواردات وتطوير قطاعات مثل الصناعات البتروكيماوية، والتعدين، والصناعات الغذائية يسهم في خلق فرص عمل جديدة ويعزز القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي.
وقد تعافى نشاط الصناعات التحويلية في السعودية من آثار كوفيد-19 وسجل ناتجا تجاوز مستويات ما قبل الجائحة، إذ نما القطاع في الربع الثاني من 2023 بنحو 0.7% مقارنة بالمستويات المسجلة في الربع الثاني من عام 2019 البالغة 76.17 مليار ريال
بحيث يتكون نشاط الصناعات التحويلية في السعودية من قطاع 'تكرير الزيوت'، إضافة إلى صناعة المنتجات الغذائية والمشروبات وصناعة الأخشاب والمنسوجات والأثاث وصناعة الورق والمواد الكيميائية والصيدلانية ومنتجات المطاط واللدائن وغيرها
أما في مجال البنية التحتية فتشمل بناء الطرق، والجسور، والمطارات، والمدارس، والمستشفيات، وتواصل السعودية تحقيق نجاحات ملموسة كما تقدمت المملكة في مؤشر جودة البنية التحتية للطرق إلى مستوى 5.7 ما يضعها في المركز الرابع عالمياً بين دول مجموعة العشرين
وتسعى لتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للطيران واستيعاب زيادة أعداد المسافرين ثلاثة أضعاف لتصل إلى 330 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2030م ولديها خطة طموحة لزيادة عدد المطارات ومنها مطار الملك سلمان.
وكذلك في قطاع التجزئة والخدمات الاستهلاكية، قد حققت السعودية قفزة في 'المؤشر العالمي لتطور تجارة التجزئة' الذي صدر في فبراير الماضي عن شركة 'كيرني'، حيث سجلت زيادة قدرها 9 نقاط لتحتل بذلك المركز الثالث في التصنيف.
5. الخدمات المالية
يعد تطوير القطاع المالي أحد ركائز رؤية 2030، حيث تسعى السعودية إلى جعل أسواقها المالية من بين الأكثر تطوراً عالمياً. تعمل على تحسين البيئة التنظيمية وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال مبادرات مثل سوق 'نمو' للشركات الناشئة وبرنامج 'شريك' لتسهيل الاستثمار.
وتبرز جهود السعودية في قطاع أسواق المال والخدمات المالية حيث قفزت القيمة السوقية لسوق الأسهم السعودية 542.3% في آخر 10 سنوات، واستقرار القطاع المصرفي وتقييماته واعدة، كان آخرها من شركة 'ألفاريز أند مارسال' التي كشف تقرير لها شمل 10 مصارف سعودية، أن البنوك تتمتع بآفاق إيجابية.
ويأتي صندوق الاستثمارات العامة في صلب عملية التحول التي تقوم بها السعودية لتعزيز الإيرادات غير النفطية، إذ أنفق نحو 31.5 مليار دولار، وهي تشكل ربع المبالغ التي أنفقتها صناديق الثروة السيادية في أنحاء العالم العام الماضي والبالغة 124 مليار دولار تقريبا.
6.التجارة الدولية
تسعى السعودية إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الدول الأخرى وزيادة حجم الصادرات والواردات. توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع دول مختلفة وتنويع الأسواق المستهدفة يعزز التجارة الدولية ويخلق فرصاً اقتصادية جديدة.
7. التعليم والتدريب
تحسين مستوى التعليم والتدريب لتلبية احتياجات سوق العمل يعد من أهم أولويات رؤية 2030. تسعى السعودية إلى تطوير المناهج التعليمية وتعزيز التدريب المهني والفني لإعداد القوى العاملة الوطنية لمتطلبات القطاعات غير النفطية.
8. المشاريع الصغيرة والمتوسطة
دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمثل جزءاً أساسياً من استراتيجية التنويع الاقتصادي من خلال تقديم تسهيلات تمويلية وتدريبية، تهدف السعودية إلى تحفيز الابتكار وخلق فرص عمل جديدة، مما يعزز دور هذه المشاريع في الاقتصاد الوطني.
9. التعدين والأمن الغذائي
استطاعت السعودية في قطاع التعدين في تحقيق إيرادات قياسية خلال عام 2023 تجاوزت 1.5 مليار ريال، وأقرض صندوق التنمية الصناعية 119 مشروعا خلال بإجمالي تمويلات بلغت قيمتها 12.7 مليار ريال، كما أن قيمة الاستثمار بهذه المشاريع تتجاوز 51 مليار ريال. ولدى المملكة طموح كبير باستخراج بما قيمته أكثر من 2.5 تريليون دولار من الموارد المعدنية غير المستغلة، معظمها من الفوسفات والأتربة النادرة.
وتمتلك المملكة استراتيجية واضحة للأمن الغذائي، حيث حددت بالضبط احتياجاتها، وتنتج حاليا نحو 11 مليون طن تقريبا من المنتجات الزراعية واستطاعت أن ترفع الاكتفاء من المنتجات الزراعية التي يمكن إنتاجها داخل السعودية دون أن تؤثر على المياه. كما لديها هيئة للأمن الغذائي.
تعد رؤية 2030 مبادرة استراتيجية شاملة تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر دخله بعيداً عن النفط. من خلال التركيز على تطوير القطاعات غير النفطية مثل السياحة، التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، تسعى السعودية إلى بناء اقتصاد قوي ومستدام يلبي تطلعات الأجيال الحالية والمستقبلية. تعكس هذه الجهود التزام المملكة بالتنمية الاقتصادية المستدامة وتحقيق مستقبل مزدهر للجميع