توصلت ثلاث مؤسسات بحثية إلى أن شبكات الكهرباء الأوروبية تحتاج إلى ضخ استثمارات سنوية بعشرات المليارات من الدولارات، لتتواءم مع مستهدفات تحول الطاقة وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050. وقدّرت مؤسسات 'يوروإليكتريك' (Eurelectric) و'إي واي' (EY) وكلية لندن الإمبراطورية (Imperial College London) تلك الاستثمارات بنحو 67 مليار يورو (73 مليار دولار أمريكي) سنويًا، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
الحاجة إلى تطوير الشبكات
تأتي هذه التقديرات وسط إدراك المسؤولين لأهمية تطوير شبكات الكهرباء الأوروبية لتجنب الأزمات المستقبلية في الطاقة، كتلك التي شهدتها القارة عقب الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022. وقد تمت الموافقة على قرار بضخ استثمارات استباقية بقيمة 600 مليار يورو (639.4 مليار دولار أمريكي) في البنية الأساسية من الخطوط والمحولات والأسلاك ذات الجهد العالي.
تعديل سوق الكهرباء
في 11 أبريل الماضي، وافق البرلمان الأوروبي على تعديل تصميم سوق الكهرباء بهدف تحقيق استقرار الأسعار وتجنب أزمات الطاقة المستقبلية. هذا التعديل يسمح باستعادة رأس المال في المشروعات الكبرى عبر الرسوم التي يفرضها مشغلو شبكات الكهرباء على المستهلكين.
استثمارات تبدأ في 2025
وفقًا لتقرير تحليلي حديث مشترك بين مؤسسات 'يوروإليكتريك' و'إي واي' وكلية لندن الإمبراطورية، فإنه رغم الحاجة إلى استثمار نحو 67 مليار يورو في شبكات الكهرباء الأوروبية سنويًا، بالإمكان خفض تلك الاستثمارات في وقت لاحق بنحو 12 مليار يورو (12.96 مليار دولار أمريكي). وأشار تقرير موقع 'إنرجي واتش' إلى أن تلك الاستثمارات الضخمة يجب أن تبدأ من العام المقبل (2025) حتى عام 2040.
الاستثمارات الحالية وغير الكافية
بلغت الاستثمارات في شبكات الكهرباء الأوروبية 33 مليار يورو (36 مليار دولار أمريكي) خلال السنوات الخمس الأخيرة. وبالنظر إلى الطلب ومعدل التوليد مستقبلًا، فإن هذه الاستثمارات غير كافية لتحقيق تحول الطاقة حتى منتصف القرن الحالي، وفق تقرير المؤسسات الثلاث. وحذّر التقرير من الفشل بضخ استثمارات كبيرة في شبكات الكهرباء الأوروبية، إذ يؤدي ذلك إلى تعطيل الربط بالتقنيات الحديثة في قطاعات متعددة، مثل الطاقة المتجددة ومضخات الحرارة والسيارات الكهربائية.
تأثيرات الفشل في الاستثمار
أكد التقرير أن الفشل في ضخ استثمارات كبيرة في شبكات الكهرباء الأوروبية قد يؤدي إلى تعطل الربط بالتقنيات الحديثة في قطاعات متعددة، مثل الطاقة المتجددة ومضخات الحرارة والسيارات الكهربائية. كما أن الخفض المتوقع في انبعاثات الكربون، وارتفاع مستوى كفاءة الطاقة، إضافة إلى تراجع تكلفة فواتير الطاقة، قد لا تتحقق، أو -على الأقل- لن تجري بوتيرة سريعة تتناسب مع المطلوب.
قانون تعديل تصميم سوق الكهرباء
تضمن قانون تعديل تصميم سوق الكهرباء، الذي أقره البرلمان الأوروبي قبل شهرين، بنودًا تسمح باستعادة رأس المال في المشروعات الكبرى من خلال الرسوم التي يفرضها مشغلو شبكة الكهرباء في القارة على المستهلكين. هذا ما دعا مدير فريق الطاقة في جمعية 'بي إي يو سي' للدفاع عن حقوق المستهلكين (BEUC) ديمتري فيرجني إلى انتقاد خطط توسعات شبكة الكهرباء في أوروبا، لأن تكاليفها سيتحملها المستهلكون بدلًا من الشركات التي تُعفى عادة من الرسوم.
انتقادات للمبالغ المقترحة
انتقد الرئيس التنفيذي لمنظمة 'غرين باور دنمارك' (Green Power Denmark) ميت روز سكاكسن، تقرير المنظمات البحثية عن الاستثمارات المطلوبة سنويًا في شبكات الكهرباء الأوروبية، ووصف المبالغ المقترحة بأنها 'فلكية'. وقال إنه من الممكن خفض احتياجات الاستثمار بنسبة 20% تقريبًا، إذا مُنحت شركات الشبكات فرصًا أفضل للعمل مع المزيد من استراتيجيات توسيع الشبكة المطلوبة، والاستعمال الأمثل للأصول، وأدوات تضمن مرونة الشبكة.
توسع الشبكات وتحديات الاستهلاك والإنتاج
قال الرئيس التنفيذي لـ 'راديوس آند سريوس' (Radius & SEAS-NVE) جنس فوسار مادسن، إن شركات الشبكات تتخذ حاليًا قرارات استثمارية كبيرة جدًا بالتوسع أكثر من السابق لتحقيق المزيد من الاستفادة من العمليات الجارية. وأوضح أن المشكلة التي تواجه تلك الاستثمارات هي خطر عدم تناسب كميات الاستهلاك أو الإنتاج مع التوقعات.
الحاجة للتوسع في شبكات الكهرباء
كشف التقرير عن الحاجة إلى التوسع في شبكات الكهرباء الأوروبية من 10 ملايين كيلومتر حاليًا إلى 16.8 مليون كيلومتر بحلول 2050. ويرى التقرير ضرورة مضاعفة عدد المحولات، الذي سيستحوذ على ما يقارب من 43% من الاستثمارات المقترحة، للتعامل مع الطلب المتزايد من كهربة التدفئة والنقل.
تواجه أوروبا تحديات كبيرة في تطوير شبكات الكهرباء لتحقيق أهداف تحول الطاقة بحلول 2050. وبينما تتطلب هذه الجهود استثمارات ضخمة، فإنها تعد ضرورية لضمان استدامة الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية. يتوجب على الجهات المعنية تحقيق التوازن بين توفير التمويل اللازم وضمان عدم تحميل المستهلكين أعباء مالية إضافية، لضمان مستقبل طاقة مستدام وآمن للقارة الأوروبية.