الطاقة النووية في السعوديةتشهد خطط تطوير الطاقة النووية في الشرق الأوسط تقدمًا ملحوظًا، في وقت يتجه فيه العالم نحو توليد كهرباء خالية من الكربون، بهدف تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. تتقدم السعودية وتسعى لبناء أولى محطاتها بمساعدة الولايات المتحدة. وفي موقعنا 'الاقتصاد السعودي' نرصد لكم كيف تسعى 5 دول بالشرق الأوسط وتتسابق في مجال الطاقة النووية.
الطاقة النووية في السعودية..تسعى المملكة لبناء أولى محطاتها
أما المملكة العربية السعودية، فهي تسعى إلى بناء أولى محطاتها النووية بمساعدة الولايات المتحدة، وما تزال المحادثات مستمرة بشأن سبل تنفيذ هذا التعاون. صرحت السعودية في العام الماضي (2023) أنها ستسمح بتفتيش المنشآت النووية المستقبلية في مسعى لإقناع واشنطن بالسماح بنقل تكنولوجيا المفاعلات الأميركية. إلا أن المملكة لم توافق بعد على إمكان إجراء عمليات تفتيش مفاجئة، أو تتخلى عن رغبتها المعلنة في القيام بتخصيب اليورانيوم الخاص بها، بدلاً من الشراء من السوق الدولية.
وقد انقضى الموعد النهائي لمقدمي العروض لتقديم مقترحاتهم لبناء محطة كهرباء الدويهين السعودية على ساحل الخليج بين قطر والإمارات في 30 أبريل. ومن غير الواضح ما إذا كانت أي من الشركات الرئيسة المدعوّة لتقديم العطاءات - المؤسسة النووية الوطنية الصينية (CNNC)، ومجموعة كهرباء فرنسا إي دي إف (EDF)، وشركة روساتوم الروسية (Rosatom)، والشركة الكورية للطاقة الكهربائية كيبكو (Kepco) - قد قدّمت عروضًا.
تنتظر السعودية إبرام صفقة مع شركة سنتروس إنرجي الأميركية (Centrus Energy)، التي تعد في طليعة تكنولوجيا مفاعلات الجيل التالي. وتستعمل الشركة نظام اليورانيوم 'عالي التركيز منخفض التخصيب' التابع لها، والمعروف باسم 'هاليو'، نوى مفاعلات أصغر وأطول أمدًا، ويُنظر إليها على أنها أكثر كفاءة في استهلاك الوقود. تعمل المفاعلات النووية الحالية أساسًا بوقود اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 5% من اليورانيوم-235، في حين يُخصَّب اليورانيوم عالي التركيز منخفض التخصيب بنسبة تزيد عن 5% وأقل من 20% من اليورانيوم-235.
هل تنجح المفاوضات؟
وافق وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الشهر الماضي على برنامج تعاون في مجال الطاقة النظيفة مع وزيرة الطاقة الأميركية جنيفر غرانهولم، في صفقة تبدو أنها تشمل الطاقة النووية. وقال محلل شؤون الدفاع تيد كاراسيك: 'يبدو بالتأكيد أنها خطوة في الاتجاه الصحيح للتنمية الأميركية السعودية في هذا المجال'.
ويقول محللون إنه من غير المرجح أن تخصب السعودية اليورانيوم الخاص بها، ومن المرجح أيضًا أن تختار المملكة دولة تتمتع بقدر مماثل لنفوذ الولايات المتحدة من أجل توفير التكنولوجيا النووية. ومع ذلك، أشار الزميل الباحث في معهد أفاري إنترناسيونالي، مانويل هيريرا، إلى أن بكين 'لا تقدم التكنولوجيا النووية بسعر أفضل من الولايات المتحدة فحسب، بل تفعل ذلك بشروط أكثر تساهلًا'.
في ظل التنافس النووي المتزايد في الشرق الأوسط، تسعى كل من الإمارات والسعودية إلى تعزيز قدراتهما في مجال الطاقة النووية لتحقيق مستقبل طاقوي مستدام، مما يعكس التزامهما بالابتكار والتطوير في هذا المجال الحيوي.
الإمارات تتقدم في طريقها نحو الطاقة النووية: خطط لمحطة ثانية في 2024
الطاقة النووية في الإمارات
الإمارات تعتزم الآن بناء محطة نووية ثانية بعد محطتها الأولى 'براكة'، التي بدأ بناؤها في عام 2019 باستخدام التكنولوجيا الكورية الجنوبية واليورانيوم من مصادر دولية. ومن المقرر أن تُطرح عروض بناء المحطة الجديدة خلال العام الحالي (2024)، بهدف بدء البناء في وقت لاحق من العام وتشغيل المحطة بحلول عام 2032 لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
تهدف الإمارات من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز تنويع مصادر الطاقة وتقديم مساهمة كبيرة في تحقيق الاستدامة البيئية والطاقوية على المدى الطويل. وفي هذا السياق، تعتبر الصين شريكًا محتملاً لبناء المحطة النووية الجديدة، حيث وقّعت الإمارات اتفاقيات مع عدة جهات صينية في مجال الطاقة النووية خلال العام الماضي.
تشمل المواقع المحتملة للمحطة النووية الجديدة موقعًا ساحليًا قريبًا من الحدود مع المملكة العربية السعودية، مما يعكس استراتيجية الإمارات في تعزيز الطاقة النووية كجزء أساسي من سياساتها الطاقوية المستدامة.
وتُعد محطة براكة الحالية، التي بنتها كوريا الجنوبية في أبوظبي، خطوة نحو تحقيق أهداف الطاقة المستدامة، حيث تلبي ربع احتياجات الإمارات من الكهرباء، ومن المتوقع أن يبدأ المفاعل الرابع والأخير في العمليات التجارية في عام 2024.
بهذه الخطوات، تستمر الإمارات في تعزيز دورها كقائدة في مجال الطاقة النووية بالمنطقة، وتحقق إنجازات ملموسة في تحقيق الاستدامة الطاقوية وتنويع مصادر الطاقة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
تظل الإمارات الرائدة في تطوير الطاقة النووية بالشرق الأوسط، مما يعزز من مكانتها كمركز طاقوي متقدم ومساهم فعال في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية على المستوى العالمي.
الطاقة النووية في مصر..وضع اللمسات النهائية لأول محطة طاقة نووية
محطة الضبعة النووية في مصر
أوضح الزميل الباحث في معهد أفاري إنترناسيونالي، مانويل هيريرا، أن العديد من الدول بدأت تنظر إلى الصين وروسيا بوصفهما بديلين لواشنطن في هذه السوق.
تضع شركة روساتوم الروسية اللمسات النهائية على أول محطة للطاقة النووية في مصر في الضبعة، التي تبلغ تكلفتها 25 مليار دولار، مما يعكس تطلع مصر إلى تعزيز قدرتها على توليد الطاقة النووية.
الطاقة النووية في تركيا..تشغيل المحطة في العام الجاري
محطة أكويو النووية في تركيا
تمتلك الشركة الروسية صفقة بناء وتملُّك وتشغيل لمحطة أكويو النووية في تركيا، والتي من المقرر تشغيلها في وقت لاحق من العام الجاري (2024). وتقول تركيا إنها تتفاوض مع روسيا والصين وكوريا الجنوبية لبناء محطتين نوويتين أخريين؛ إذ تسعى أنقرة إلى تركيب 20 غيغاواط من القدرة النووية بحلول عام 2050. وقال هيريرا: 'لقد أصبحت روسيا موردًا جذابًا للغاية للتكنولوجيا النووية والوقود، ليس فقط للشرق الأوسط، بل للعالم أجمع'، مضيفًا: 'بهذه الطريقة، يمكنها تمويل جزء من مجهودها الحربي في أوكرانيا'.
الطاقة النووية في إيران..حليفة مع روسيا
محطة الطاقة النووية في خوزستان جنوب غرب إيران
اختارت إيران حليفتها روسيا لإنشاء محطتها النووية الأولى في بوشهر، في حين ساعدتها الصين في قطاع التعدين، مثل تطوير منجم ساغاند في يزد. وفي وقت سابق من عام 2024، قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) إن طهران بدأت في بناء 4 محطات أخرى للطاقة النووية في الجنوب، بقدرة إجمالية تبلغ 5 غيغاواط، إذ تحاول الوصول إلى إنتاج إجمالي يبلغ 20 غيغاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2041. وحصلت إيران أولًا على المعرفة المتعلقة بالتخصيب النووي عبر باكستان، لكن التكنولوجيا التي حصلت عليها كانت من الصين، والآن تبدو حريصة على المضي قدمًا مع روسيا.