حلم الطاقة النووية في الخليج يقترب.. مشروعات تسابق الزمن لتحقيق طاقة مستدامة


تعمل الدول الخليجية على تنويع اقتصاداتها الهيدروكربونية من خلال تطوير مصادر نظيفة

الاربعاء 12 يونية 2024 | 05:10 مساءً
كارثة مفاعل فوكوشيما
كارثة مفاعل فوكوشيما
فهد السليماني

حلم الطاقة النووية .. يقترب حلم الطاقة النووية في دول الخليج من أن يتحوّل إلى واقع ملموس بفضل المشروعات الطموحة التي تنفذها حكومات هذه الدول لتنويع مصادر الطاقة وإضافة مصدر طاقة خالٍ من الانبعاثات الكربونية. تعمل الدول الخليجية على تنويع اقتصاداتها الهيدروكربونية من خلال تطوير مصادر نظيفة، مثل الطاقة النووية والمتجددة، لتوفير إمدادات مستدامة وفيرة من الكهرباء.

تسريع وتيرة التنمية النووية

تسعى دول الخليج جاهدة لتنويع مصادرها الطاقية عبر تنفيذ مشروعات طموحة في مجال الطاقة النووية. يأتي هذا التوجه في إطار الجهود المبذولة لمواجهة التحديات البيئية وتحقيق أهداف الحياد الكربوني. تسهم الطاقة النووية بشكل كبير في توفير كهرباء مستدامة وموثوقة، وهي جزء أساسي من استراتيجيات الدول الخليجية لتنويع مصادر الطاقة.

مشروعات نووية واعدة

تتجسد أبرز مشروعات الطاقة النووية في المنطقة بمحطة براكة النووية في الإمارات، التي تُعد من أهم مشروعات الصناعة النووية في الخليج. بدأت فكرة هذا المشروع في عام 2008، ودخل حيز التشغيل في العام الجاري 2024، مما أسهم في تلبية احتياجات الكهرباء في الإمارات. ويعزز هذا المشروع مكانة الإمارات كدولة رائدة في مجال الطاقة النووية في المنطقة.

استثمارات مستقبلية في الإمارات

الطاقة النووية في الإماراتالطاقة النووية في الإمارات

تستعد الإمارات لطرح مناقصة لبناء محطة نووية ثانية في مايو 2024، وفقًا لتقارير رويترز. كما تسعى مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، المسؤولة عن تطوير محطات الطاقة النووية في الإمارات، للاستثمار في أصول الطاقة النووية الأوروبية، بما في ذلك تلك الموجودة في المملكة المتحدة. وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، محمد الحمادي، إن المؤسسة تركز على استكشاف فرص جديدة داخل الإمارات وخارجها لتعظيم القيمة المضافة من الخبرات المطورة في المشروعات النووية العملاقة.

تحديات وفرص

على الرغم من الطموحات الكبيرة، يظل تحويل حلم الطاقة النووية في الخليج إلى واقع مرهونًا بتهيئة الظروف الملائمة وضمان إدارة معايير السلامة والأمان المرتبطة بهذه التقنية العالية المخاطر. وتواجه المنطقة تحديات كبيرة في هذا المجال، من بينها الضغوط الناجمة عن أزمة الكهرباء وأهداف الحياد الكربوني، مما يدفع الدول إلى تقييم فوائد الطاقة النووية مجددًا.

مستقبل واعد للطاقة النووية

مع تسارع وتيرة التنمية النووية في دول الخليج، يبدو أن المنطقة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق حلم الطاقة النووية المستدامة. ومع دخول مشروعات جديدة حيز التنفيذ، تتزايد الآمال في أن تسهم الطاقة النووية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتوفير طاقة نظيفة وآمنة للأجيال القادمة.

إن هذه المشروعات النووية الواعدة في دول الخليج ليست مجرد خطوة نحو تحقيق أمن الطاقة، بل هي أيضًا إسهام كبير في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي وتحقيق مستقبل أكثر استدامة للجميع.

السعودية تسعى لتحقيق حلم الطاقة النووية في الخليج: مشروعات طموحة تلوح في الأفق

إلى جانب الإمارات، تبرز المملكة العربية السعودية كلاعب واعد لتحقيق حلم الطاقة النووية في الخليج، وذلك من خلال خططها الطموحة لبناء محطات نووية متعددة في البلاد. تعد السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، من الدول الرائدة التي تسعى لتنويع مصادر الطاقة وتحقيق استدامة أكبر في مزيج الكهرباء لديها.

 خطوات متقدمة نحو النووي

تستعد الرياض لطرح مناقصات لبناء عدة محطات نووية، وذلك بعد إكمال بناء مفاعل نووي بحثي في المملكة خلال العام الماضي 2023 بالتعاون مع شركة أرجنتينية. هذه الخطوة تعد جزءًا من رؤية السعودية 2030 لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط.

تصريحات دولية داعمة

وفي حوار حصري مع صحيفة 'ذا ناشونال' خلال مايو 2024، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أن العديد من البلدان تستكشف إمكانية التحرك نحو الطاقة النووية، مشيرًا إلى أن 'البلدان الخليجية تمضي بقوة نحو الطاقة النووية، وهو ما ينطبق أيضًا على العالم العربي'. وأضاف غروسي أن هناك اهتمامًا متزايدًا بالمفاعلات المعيارية الصغيرة، التي تعتبر أصغر حجمًا وأكثر مرونة وأقل تكلفة مقارنة بمحطات الطاقة النووية التقليدية ذات أبراج التبريد الضخمة.

 مستقبل واعد للطاقة النووية في السعودية

محطة براكة النوويةمحطة براكة النووية

يأتي اهتمام السعودية بالطاقة النووية كجزء من استراتيجية أكبر تهدف إلى تحقيق أمن الطاقة وتعزيز التنمية المستدامة. مع تسارع وتيرة تنفيذ هذه المشروعات، يتوقع أن تسهم الطاقة النووية بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتوفير طاقة نظيفة وآمنة للمملكة ودول الخليج بشكل عام.

تسعى السعودية، إلى جانب الإمارات، لتحقيق حلم الطاقة النووية في الخليج من خلال مشروعات طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وضمان استدامة الإمدادات الكهربائية. مع الاستثمارات المستمرة والتعاون الدولي، يبدو أن المنطقة تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل مشرق في مجال الطاقة النووية.

الكويت تمضي قدمًا في مشروعات الطاقة النووية: خطوات مهمة نحو استغلال الإمكانات

كما هو الحال في السعودية والإمارات، تمضي مشروعات الطاقة النووية في الخليج على قدم وساق في بلدان أخرى مثل الكويت، التي تسعى لاستغلال إمكانات الطاقة النووية لديها.

تقييم دولي لإطار الأمان النووي

في عام 2023، أنجزت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهمة تقييم إطار الأمان النووي الوطني في الكويت. وقامت الوكالة، التابعة للأمم المتحدة، بمقارنة الإطار القانوني والتنظيمي والممارسات المتعلقة بالأمان النووي في الكويت بالمعايير والإرشادات الدولية، مع تركيز خاص على أمن المصادر الإشعاعية.

مستقبل مشرق للطاقة النووية في الكويت

تتطلع الكويت إلى تطوير بنية تحتية نووية متينة تستند إلى أفضل الممارسات الدولية، مما يعزز أمان واستدامة مشاريع الطاقة النووية في البلاد. ومع الدعم والتقييم المستمر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تبدو الكويت مستعدة لتحقيق تقدم ملحوظ في هذا المجال الحيوي.

قالت محللة الأبحاث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في الشرق الأوسط، آمنة إبراهيم: 'الكويت هي أول دولة خليجية تبني التعليم والسعة التقنية في المجال النووي، ومع ذلك فإن إدارة الرأي العام ستظل تحديًا'.

استثمارات وتحديات

تعهدت هيئة الاستثمار الكويتية، صندوق الثروة السيادية للبلاد، بشراء حصة قدرها 600 مليون يورو (653 مليون دولار) في شركة أريفا (Areva). ومع ذلك، باعت الهيئة أسهمها في شركة تصنيع المفاعلات النووية الفرنسية بخسارة فادحة في عام 2017.

تأثير كارثة فوكوشيما

أثارت كارثة فوكوشيما النووية، التي هزت اليابان في عام 2011، مخاوف أمنية تتعلق بمحطات الطاقة النووية، مما أدى إلى زيادة التدقيق والإجراءات التنظيمية. كما أثرت الكارثة على الرأي العام نحو الطاقة النووية، حيث أصبح العديد من الناس أكثر قلقًا وتحوطًا من مخاطرها، ما أدى إلى زيادة المعارضة للمشروعات والسياسات النووية في بعض البلدان.

عمان وقطر والبحرين: استراتيجيات متنوعة نحو الطاقة النووية

تستكشف عمان منذ سنوات عديدة الفرص المتاحة لحجز نصيبها في كعكة مشروعات الطاقة النووية في الخليج. فقد أصبحت عمان في عام 2009 عضوة في شراكة الطاقة النووية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، ودخلت في اتفاقية تعاون أمني مع روسيا، مما يعكس اهتمامها بتطوير بنية تحتية نووية متقدمة.

قطر: استثمارات مستقبلية في الطاقة النووية

تضخ قطر استثمارات ضخمة في تقنية الطاقة النووية، رغم عدم وجود خطط مباشرة لبناء سعة محلية حتى الآن. في عام 2019، كشفت هيئة الاستثمار القطرية عن استثمار قدره 108 ملايين دولار مقابل حصة 10% في مشروع مدعوم من الحكومة البريطانية يهدف إلى تطوير محطات طاقة نووية صغيرة، كل منها قادر على توفير الكهرباء لمليون منزل، مما يظهر التزام قطر بتأمين مصادر طاقة نظيفة ومستدامة.

البحرين: توجه نحو المفاعلات المعيارية الصغيرة

وقالت محللة الأبحاث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في الشرق الأوسط آمنة إبراهيم: 'من المرجح أن تتبنى البحرين تقنية المفاعلات المعيارية الصغيرة ما أن يصبح هذا الأمر ذا جدوى من الناحية المالية والتجارية'. يعكس هذا التوجه استراتيجيتها نحو استغلال التكنولوجيا النووية بأسلوب يتناسب مع احتياجاتها الاقتصادية والبيئية.

بينما تتقدم دول الخليج بخطى سريعة نحو تبني الطاقة النووية، تبقى التحديات التقنية والمالية والأمنية قائمة. لكن من الواضح أن التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة هو الهدف المشترك الذي يسعى الجميع لتحقيقه، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي والبيئي في المنطقة على المدى الطويل.

اقرأ أيضا