أزمة نقص العمالة تهدد صناعة الطاقة النووية في أوروبا: تأجيل المشروعات وتهديدات لأهداف التحول الأخضر


الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى بناء أكثر من 30 مفاعلًا جديدًا بسعة 50 غيغاواط بحلول عام 2050

الاثنين 08 يوليو 2024 | 01:56 مساءً
الطاقة النووية
الطاقة النووية
فهد السليماني

الطاقة النووية في أوروبا .. تواجه صناعة الطاقة النووية في أوروبا تحديات كبيرة ناتجة عن نقص العمالة، مما يعرض خطط بناء المفاعلات الجديدة للتأجيل ويهدد بتعثر تحقيق أهداف التحول الطاقوي في القارة. رغم التحضيرات السابقة لتعزيز دور الطاقة النووية في الحد من انبعاثات الكربون، إلا أن إرجاء المشاريع المخططة قد يعرقل هذه الخطط بشكل كبير.

ماذا يحتاج الاتحاد الأوروبي؟

الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى بناء أكثر من 30 مفاعلًا جديدًا بسعة 50 غيغاواط بحلول عام 2050، ولكن التأخيرات المتوقعة بسبب نقص العمالة قد تؤثر سلبًا على تحقيق مستهدفاته الطموحة في مجال التحول الأخضر، كما يشير تقرير منصة الطاقة المتخصصة المقرّة في واشنطن.

تحول الطاقة في أوروبا مهدد بسبب نقص العمالة الماهرة

نقص العمالةنقص العمالة

تواجه خطط أوروبا لتعزيز صناعة الطاقة النووية ودعم تحول الطاقة تهديدات جدية بسبب نقص العمالة الماهرة، وفقًا لتقرير شبكة بلومبرغ. يعاني منتجو الطاقة النووية، خاصة في فرنسا والمملكة المتحدة والسويد، من صعوبة العثور على مئات الآلاف من اللحامين والمهندسين والمخططين اللازمين لبناء وتشغيل المفاعلات الجديدة المخطط إقامتها بحلول عام 2050.

في هذا السياق، اجتمع ممثلو شركة كهرباء فرنسا (EDF) وثلاثة مقاولين من الباطن مؤخرًا في بلدة روسيلون بالقرب من محطة سانت ألبان النووية، لتقديم فرص تدريب وعمل لقرابة 12 طالبًا في المدارس الثانوية. يتلقى هؤلاء الطلاب دورات في الصيانة الصناعية كجزء من مبادرة توظيف جديدة تهدف إلى سد الفجوة في العمالة.

قالت مورغاني روبين، مسؤولة التوظيف في شركة دالكيا إي إن (Dalkia EN)، وهي وحدة صيانة تابعة لشركة EDF: 'كل شركة تعمل في صناعة الطاقة النووية تعين أشخاصًا باستمرار، بل إن التعيينات تزداد في ظل مشروعات المفاعلات الجديدة قيد التنفيذ'.

نهضة متوقعة.. ولكن نقص العمالة يهدد صناعة الطاقة النووية في أوروبا

الطاقة النوويةالطاقة النووية

تقترب صناعة الطاقة النووية الأوروبية والعالمية من تحقيق نهضة جديدة، حيث حددت 25 دولة -من بينها 12 دولة أوروبية- هدفًا لمضاعفة السعة العالمية للطاقة النووية بمعدل ثلاثة أضعاف. ومع ذلك، تعرقل هذه المساعي نقص العمالة الحاد، مما دفع بعض الشركات الفرنسية إلى إعادة توظيف المتقاعدين، بينما تعلن الحكومة البريطانية عن وظائف شاغرة في محطات مترو لندن لتلبية الاحتياجات في الصناعة النووية.

صرح فيليب لانوار، رئيس الصناعة والطاقة في اتحاد الأعمال الفرنسي سينتيك إنجينيري (Syntec-Ingenierie): 'إن صناعة الطاقة النووية في أوروبا تخرج من شتاء طويل. وسوف نحتاج إلى موارد بشرية مدربة لبدء المشروعات ذات الصلة، وليس لدينا الكثير من الوقت لنضيعه'.

نقص المواهب يهدد مستقبل الطاقة النووية في فرنسا

الطاقة النووية في فرنساالطاقة النووية في فرنسا

تعاني فرنسا من نقص حاد في المواهب في صناعة الطاقة النووية بعدما توقفت شركة 'إي دي إف' عن بناء المفاعلات في أوائل العقد الأول من الألفية الحالية، مما أدى إلى توقف عمليات التوظيف في هذا القطاع الحيوي.

حاليًا، يواجه نحو 220 ألف عامل في الصناعة تقدمًا في السن، بينما يبحث الآخرون عن فرص عمل بديلة. استجابةً لهذه الأزمة، كشفت الصناعة عن خطة لزيادة التدريب المهني وتوظيف 100 ألف عامل جديد خلال العقد المقبل.

أطلقت سينتيك إنجينيري، التي تمثل نحو 400 شركة هندسية في فرنسا، حملة ترويجية تركز على الشباب، وتسعى لتعزيز برامج التدريب لطلاب الجامعات. كما يهدف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بناء 6 مفاعلات نووية بتكلفة 67.4 مليار يورو (72 مليار دولار)، مع خطط لإنشاء 8 مفاعلات إضافية.

ومع ذلك، يُتوقع أن تظل ربع الوظائف المتاحة في خطط 'إي دي إف' شاغرة بسبب نقص العمالة. وقد اضطرت الشركة للاستعانة بعمال من أمريكا الشمالية في عام 2024 لتنفيذ أعمال الصيانة والإصلاح للمفاعلات الموجودة.

نهضة الطاقة النووية في بريطانيا تتعثر بسبب نقص العمالة

الطاقة النووية في بريطانياالطاقة النووية في بريطانيا

تواجه صناعة الطاقة النووية في المملكة المتحدة تحديات كبيرة تعرقل مساعيها لتحقيق نهضة جديدة، حيث تسعى الشركات والسلطات لإقناع مستثمري القطاع الخاص بتمويل بناء مفاعلين جديدين في موقع سايزويل بمقاطعة سوفولك شرق إنجلترا.

تأتي هذه الجهود في إطار خطط بريطانية طموحة لمضاعفة سعة الطاقة النووية المحلية أربع مرات بحلول منتصف عام 2050. ووفقًا لتوقعات الحكومة، يتطلب تحقيق هذا الهدف توظيف 123 ألف شخص خلال العقد الحالي.

النقص الحاد في العمالة الماهرة يمثل تحديًا كبيرًا، مما يعوق التقدم في بناء المفاعلات الجديدة ويهدد تحقيق مستهدفات التحول نحو الطاقة النظيفة في المملكة المتحدة.

السويد: مفتاح نهضة الطاقة النووية في أوروبا

الطاقة النووية في السويدالطاقة النووية في السويد

تبرز السويد كلاعب رئيسي في معادلة نهضة صناعة الطاقة النووية في أوروبا، حيث تدير البلد الإسكندنافي 6 مفاعلات نشطة حاليًا. وتواجه الحكومة تحدي تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في قطاعات النقل والصناعات الحيوية، مما يتطلب بناء ما لا يقل عن 10 مفاعلات جديدة بحلول عام 2045.

صرح منسق الطاقة النووية في السويد، كارل بيرغلوف، بأن بناء هذه المفاعلات الجديدة يستلزم تعيين عشرات الآلاف من العمال. وتعمل شركة فاتنفول (Vattenfall) المملوكة للحكومة السويدية، والتي تدير 5 مفاعلات، بالتعاون مع المدارس والجامعات لرفع الوعي بأهمية الطاقة النووية وتقديم دورات تدريبية لتثقيف الطلاب في هذا المجال. 

اقرأ أيضا